مناخ شمال افريقيا الحار غير مسؤول عن تفتيح بشرة ساكنتها

بقلم: محمد مقنع

لان بعض المتمزغين ثقيلي الفهم ولم يستوعبوا بعد حقيقة ان اغلب الرجال في شمال افريقيا ينحدرون من رجل حبشي اسود، واغلب النساء ينحدرن من امرأة غرب أوراسية (West Eurasian) بيضاء. سأشرح الامر بالتفصيل حتى لا اضطر كل مرة للإجابة عن هذا السؤال.

في الصورة الاولى يوجد برينس بواتينغ (المتزوج من سيدة المانية) وابنته، وفي الثانية ابنه كيفن وزوجته الايطالية ميليسا ساتا، وفي الثالثة حفيده مادوكس برينس بواتينغ. وكما تلاحظون فقد تخلص الحفيد من كل الصفات الزنجية في ظرف جيلين، واصبح ابيضا اكثر من 99.99% من الشمال افريقيين.

اذا دققنا في نتائج التحاليل الجينية التي اجريت على سكان المنطقة سنلاحظ بان حوالي 50% الى 65% من الرجال الشمال افريقيون ينتمون للتفرع E1b1b، الذي ظهر في منطقة القرن الافريقي منذ حوالي 26000 سنة، قبل ان ينتشر في شرق شمال وجنوب القارة السمراء، بينما يسود في باقي افريقيا التفرع الثاني المسمى ب E1b1a، وكلا التفرعين تشعبا عن الهابلوغروب E الذي يميز الاغلبية الساحقة من الافارقة عن غيرهم من البشر.

الهابلوغروب E

التفرع E1b1a

التفرع E1b1b

في الجانب الاخر، سنرى بان اكثر من 70% من النساء الشمال افريقيات ينتمين لهابلوغروبات غرب أوراسية، ك HV، U، H، V، J، T وغيرها.. التي تطورت خارج افريقيا، قبل ان تعود لها في موجات هجرة ابتداء من العصر الحجري الحديث.

كما تعلمون، بعد الخروج الاول من افريقيا (طبعا، انا اتكلم هنا عن خروج الانسان العاقل) الذي حدث منذ حوالي 70000 سنة، تفرع عن الهابلوغروب الانثوي الافريقي L3، الهابلوغروبين M و N، الاول - M- اتجه شرقا نحو اسيا واستراليا وتفرع عنه CZ و D و E و G و Q.. الخ، والثاني -N- صعد شمالا نحو غرب اسيا واوروبا وتفرع عنه كل من W و X و U و I و JT و HV و H و V... الخ (يمكنكم الرجوع الى شجرة الميتوكوندري، لمزيد من التفاصيل).

قبل ان تعود كما قلنا، حاملات الهابلوغروبات HV، U، H، V، J، T.. الى شمال افريقيا في موجات هجرة امتدت من حوالي 10000 سنة الى القرن التاسع عشر. منهن من رجعت ابتداء من العصر الحجري الحديث (Neolithic)، ومنهن من جاءت مع الهكسوس شعوب البحر الاغريق الفينيقيين الرومان الوندال البيزنطيين العرب الاتراك.. الخ، ومن كانت ضحية لتجار الرقيق الابيض الذين سوقوا العبيد الاوربيين في المنطقة من القرن الثامن الى القرن التاسع عشر الميلادي.

وهذه الدراسة الجينية تؤكد بان هذا التزاوج والاختلاط مع النساء الغرب اوراسيات (اوربيات وغرب اسيويات) حدث عدة مرات في التاريخ

Human Alu insertion polymorphisms in North African populations (2011) Laboratory of Molecular genetics, Immunology and Human Pathology at the Faculty of Sciences of Tunis, University El Manar:

Taken together, results on Y chromosome, mtDNA and Alu Insertions in North Africa allow to propose a scenario for this region. The ancient sub-Saharan settlement would have been followed by admixture with Iberian populations. But, as the North African Y chromosome remained dominant in the region, we could argue that this admixture have been realized in one direction: North African men and Eurasian women, explaining the gene flow from Europe and high frequency of European types of mtDNA in North Africa as compared with Y chromosome. This situation would not be the result of drift toward Eurasian mtDNA. Our results on Alu insertions interestingly confirm that this gene flow happened several times probably always on the same direction. These matrimonial exchanges between North Africa and Europe should be considered in a context of patriarchal societies with men attached to territory and women from different regions including Europe. Hence, genetic diversity on one hand and relationship with Europe should have been due to women. This result supports the important role that migratory movements have played in North African populations, at least since the Neolithic period and suggests their diverse origins.

بينما الجنوب صحراويون حافظوا على شدة سواد بشرتهم لانهم لم يختلطوا مع الاوراسيون (Eurasians)، فكل نسائهم يحملن هابلوغروبات افريقية خالصة (L1, L2, L3, L4, L5, L6)، عكس الشمال افريقيات.

فيما يخص المهرطقين الذين يربطون اختلاف الخصائص البشرية في شمال افريقيا بالطقس والبيئة ، اقول بان القارة الامريكية بها جميع انواع المناخات الموجودة على هذا الكوكبː الاستوائي، المداري، الجبلي، القاري، القطبي، المتوسطي، المحيطي، الصحراوي، الشبه المداري. عكس شمال افريقيا التي يسود فيها المناخ الجاف والصحراوي، ومع ذلك لا نلاحظ أي اختلاف بين الهنود الحمر الموجودين في اقصى جنوب القارة بالكابو دي هورنوس، وبين الموجودين في غابة الأمازون، جبال الأنديز والروكي، صحراء سونورا، السهول العظمى بالولايات المتحدة، او نونافوت في اقصى الشمال بكندا.. الخ. فهم منسجمون جينيا ويملكون نفس شكل الجماجم ولون البشرة العيون والشعر.. الخ.

مناخ شمال افريقيا الحار لا يمكن ان يكون هو السبب في تفتيح بشرة الساكنة، لان الجين المسؤول عن تبييض البشرة مرتبط بالهجرات الهندوأوروبية. فقد كشفت دراسة جينية حديثة تم تقديمها خلال اللقاء السنوي الرابع والثمانين للجمعية الأميركية لعلماء الانسان، بان الأوروبيين القدماء كانوا من ذوي البشرة الداكنة وظلوا كذلك حتى عهد قريب، حيث أظهر التحليل الجيني الذي اجري على 83 من البقايا البشرية بأن تجمعات الصيادين جامعي الغذاء الذين عاشوا في إسبانيا لوكسمبورغ وهنغاريا.. قبل 8500 سنة كانوا سود البشرة، ولم يبدأ التحول في لون البشرة عندهم إلا قبل 7800 سنة، بعدما اختلطوا وتزاوجوا مع المزارعين المهاجرين من الشرق الأدنى الذين كانوا يحملون جينين رئيسيين مسؤولين عن تبييض البشرة هما (SLC24A5 and SLC45A2). وقد اكد العلماء بان الاوروبيين الحاليين هم خليط من ثلاثة هجراتː