انسان مشتا أفالو المفترى عليه

بقلم: محمد مقنع

هذا هو ردي على استفسار أحد متتبعي الصفحة، وستكون هذه اخر مرة اجيب فيها على ما ينشر في صفحات المرضى البرابرة (لأنه لايستحق الاهتمام).

تروج صفحات البرابرة مؤخرا صورا يزعمون بانها تعود للجد الأعلى للاماعيز، انسان مشتا أفالو، الذي عثر عليه في الجزائر، ويدعون افتراء بانها من انجاز مختبر دينيس للأنثروبولوجيا (Laboratoire d'anthropologie de Daynes) الذي لا وجود له الا في مخيلتهم المريضة التي تعاني من عقدة نقص حادة، وفي الحقيقة هي منجزة من طرف رسامة ونحاتة فرنسية تدعى إليزابيث دينيس (Élisabeth Daynès) ابتدأت العمل كصانعة للأقنعة في مسرح بمدينة ليل يطلق عليه la Salamandre، قبل ان تتسلط على هذا المجال من دون ان تكون لها خلفية علمية، اذ انها لا تعتمد على احدث الدراسات العلمية لتشكيل مجسماتها عبر العمل والتنسيق مع علماء جينات، وانما على مخيلتها.

فنتائج تحاليل النمط الظاهري لأفراد تافوغالت أظهرت بانهم كانوا سود البشرة باعين بنية وشعر اسود، اذ انهم لا يحملون أليل الجين SLC24A5 المرتبط بتفتيح البشرة ولا أليل OCA2 المرتبط بلون العين الأزرق، ونفس الامر للبقايا البشرية التي وجدت في مغارة افري نعمر موسى وتعود ل 7000 سنة، حيث بينت التحاليل الجينية بانهم كانوا سود البشرة وداكني العيون، اما بخصوص انسان مشتا أفالو فلم تجرى له هذه التحاليل، وانا متأكد بانه كان اسود اللون بعيون بنية (Brown eyes). الوحيدون الذين بينت التحاليل انهم يمكن ان يكونوا ببشرة وعيون فاتحة هم البشر الذين وجدوا بكهف البارود بالمغرب ويعودون ل 3000 سنة قبل الميلاد ولا تجمعهم علاقة بالبرابرة، اذ أظهرت الدراسات الجينية بأنهم ينتمون للسلالة الابوية الاوراسية T-M184 والسلالات الامومية الاوراسية K1 و X2 وT2. وللعلم كل هذه البقايا البشرية (من تافوغالت الى كهف البارود) هي نتاج لهجرات ارتجاعية لإفريقيا من اسيا -Back to Africa-، أي ان لا علاقة تجمعهم بسكان شمال افريقيا الاصليين.

رابط الدراسة:

Ancient genomesfrom North Africa evidence prehistoric migrations to the Maghreb from both theLevant and Europe

ما لا يستوعبه هؤلاء البرابرة البلداء رغم انني كتبت منشورات عديدة عن هذا الموضوع مدعومة بأحدث الدراسات العلمية، هو ان جميع حالات تحورات الجينات التي ساهمت في تفتيح بشرة الاناس البيض جاءت من كروموسوم شخص كان يعيش فقط مند 10000 سنة في المنطقة الممتدة بين الشرق الاوسط والهند، وبان حاملو هذه الطفرة انتقلوا للعيش في أوروبا فقط منذ7800 سنة، وبان سكان أوروبا القدماء كانوا حتى عهد قريب سود البشرة، اذ أظهرت التحاليل الجينية التي اجريت على الهياكل العظمية بأن تجمعات الصيادين جامعي الغداء الذين عاشوا في إسبانيا اللكسبمورغ إنجلترا وهنغاريا الخ... لغاية 8500 سنة كانوا سود البشرة، ولم يبدأ التحول في لون بشرتهم إلا قبل 7800 سنة، بعدما اختلطوا وتزاوجوا مع المزارعين المهاجرين من غرب اسيا الذين كانوا يحملون جينين رئيسيين مسؤولين عن تبييض البشرة هما SLC45A2 و SLC24A5 .

وبانه أصبح بالإمكان مؤخرا تحديد لون بشرة / لون عيون / لون وشكل شعر / والوصول الى صورة الانسان القديم الحقيقية بناء على أسس علمية دقيقة انطلاقا من حمضه النووي، وهو ما قام به باحثون من كلية لندن الجامعية (University College London) ومتحف التاريخ الطبيعي بلندن (The Natural History Museum in London) مؤخرا عبر تحليل الحمض النووي لإنسان شيدر (Cheddar Man) الذي يعد اقدم واكمل هيكل عظمي لإنسان عاقل يكتشف في بريطانيا، ويعتقد أنه عاش قبل 10 آلاف عام في جنوب غرب إنجلترا، اذا اكدوا بانه كان اسود البشرة ازرق العينين يملك شعرا اسودا مموجا ويعاني من حساسية اللاكتوز (لا يمكنه هضم الحليب)، وبعد ذلك قام الخبيرين الهولنديين المتخصصين في صنع نماذج الاحياء القديمة، أدري و ألفونس كينيش (Adrie and Alfons Kennis)، من صنع نموذج ثلاثي الأبعاد لرأس إنسان شيدر بدقة غير مسبوقة باستخدام ماسح متطور، وها هي النتيجة:

وقد أكد الباحثون الذين شاركوا في الدراسة، بأن هذه النتائج أثبتت بان لون البشرة الفاتح الذي يعد حاليا اللون النمطي للأوروبيين يعود لوقت أقرب بكثير مما كان يعتقد في السابق.

ان كنتم تزعمون يا ايها البرابرة، بان البشر الذين عثر عليهم في مشتا أفالو ومغارة تافوغالت الخ بيض، فاحظروا لنا الدراسة العلمية التي تثبت بأنهم يحملون الطفرات الجينية التي أدت الى تفتيح لون البشرة، جعل لون العيون ازرقا اخضرا، والشعر أشقرا احمرا وناعما، او اصمتوا يا ايها البلداء الجهلة الاميون.

يضحكونني عندما يدعون بان مناخ شمال افريقيا هو من ساهم في تفتيح لون بشرة ساكنتها متناسين بان المنطقة عبارة عن صحراء قاحلة تسجل فيها اعلى معدلات درجات الحرارة في العالم.