الأوروبيون استعبدوا أكثر من 2 مليون شمال افريقي
بقلم: محمد مقنع
على الرغم من الجهود المبذولة لزيادة الوعي بتاريخ العبودية، لا يزال المسلمون يجهلون تاريخ استعبادهم من طرف الغربيين، اذ يعتقدون بأن الظاهرة لم تشملهم وهمت "اعراق" اخرى. في الواقع، تم استرقاق الشمال افريقيون في أوروبا لغاية القرن التاسع عشر وعلى نطاق أوسع مما اعتقده المؤرخون سابقا. في جنوب أوروبا، كانت ذروة العبودية بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر، عندما تم استعباد مئات الاف المسلمين في اسبانيا البرتغال فرنسا إيطاليا ومالطا.
غالبا ما تشير المصادر الغربية للأوروبيين المستعبدين في شمال إفريقيا ولكن لا يعرف الكثير عن المسلمين الذين تم احتجازهم في الضفة الشمالية من البحر الابيض المتوسط. ومع ذلك، فإن أعمال اختطاف المسلمين لاسترقاقهم كان شائعا. كان القراصنة الإيبيريون الايطاليون المالطيون مرعبين كنظرائهم الاتراك. بينما تم بيع المسيحيين الذين تم أسرهم في أسواق العبيد في اسطنبول كافا طرابلس تونس الجزائر وسلا الخ، انتهى الأمر بالمسلمين المخطوفين كمجدفين، عمال عبيد في المقالع الحقول مواقع البناء، خادمات، عاملات جنس، وفي حالة النساء كانت مهنة الرقص عموما مربحة للغاية، كما هو مبين في هذه القصيدة التي نظمها غارسيا دي ريسيندي:
Doçe baylo da Mourisca
mil sentidos faz perder,
e lá mete huma tal trisca
que é muy má de guarecer
ساد استرقاق المسلمين لدرجة أن كلمة مور أصبحت التسمية الشائعة للعامل المستعبد. عمل الشمال افريقيون لصالح آخرين، حيث كانوا يؤدون الوظائف المرهقة والأقل أجرا. تركزوا بشكل رئيسي بمنطقة الغارف وفي مدن لشبونة سيتوبال وإيفورا. بناء على البحوث التي أجراها دانيال هيرشنزون، سلفاتور بونو، آن بروجيني، وولفغانغ كايزر، فان عدد العبيد الشمال افريقيون في أوروبا بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر تجاوز ال 2 مليون عبد. كان المسلمون يميلون إلى البقاء مستعبدين طوال حياتهم، ويرجع ذلك في الغالب إلى أن الجهود لافتدائهم كانت شبه منعدمة. على النقيض من ذلك، تمكن الاوروبيون من إرجاع بعض الأسرى المسيحيين إلى أوطانهم. ولكن حتى مع هذه الجهود المتضافرة، كان العدد الإجمالي للعبيد المحررين الغربيين لا يتعدى ال 5%.
ازدهرت أسواق العبيد في لشبونة إشبيلية جنوة ميسينا وليفورنو. تخبرنا مراسلات القنصل الفرنسي فرانسوا كوتوليندي (François Cotolendy) في ليفورنو مع وزير الخارجية الفرنسي للبحرية عن المنافسة بينه وبين القنصل الإسباني لشراء العبيد المسلمين في ميناء توسكان. اشتكى كوتوليندي لرئيسه من أن ثمن شراء العبد يصل ل 120 قرشا (piasters)، بينما القنصل الاسباني يدفع 150 قرشا مقابل كل مسلم. في عام 1535، اشار البرتغالي نيكولاو كليناردو (Nicolau Clenardo) الى الاعداد المهولة للعبيد المغاربيين اذ خط قائلا: "العبيد يتواجدون بكل مكان. يتم انجاز جميع الاعمال من طرف المور. البرتغال تفيض بهذه السلالة من البشر. أعتقد أنه في لشبونة لوحدها يوجد عبيد مسلمين أكثر من البرتغاليون النشيطون".
حصل الاوروبيون على العبيد المغاربيون من خلال الاغارة على السواحل الشمال افريقية، اسرهم في الحروب، او عن طريق شرائهم عندما يحل بالمنطقة الجفاف والمجاعات. قال البرتغالي برناردو رودريكس في حوليات أصيلا (1508-1535) عن مجاعة 1521 التي ضربت المغرب ودفعت سكانه الى بيع أنفسهم للأوروبيين:
"وكان قاطنو تلك الدواوير يهاجمون دواوير بعيدة لا تدين بالولاء للتاج البرتغالي ويأسرونهم. ولم يكن البيع يقتصر على أولئك الاسرى المجلوبين بالقوة، بل كانت أعداد أخرى كثيرة تأتي من تلقاء نفسها وعن طواعية إلى حد أنه حينما وصلنا الى أزمور كان في النهر ما يناهز مائة سفينة مليئة عن أخرها بالشابات لانعدام الراغبين في دفع أي ريال في شراء الرجال والنساء".
واضاف:
"وقد انتقلت ورفاقي بين الدواوير، واشتريت من شخص يسكن خيمة ابنته وحفيدته ودفعت في الأولى اثنين وثلاثين طوشطاو، وفي الثانية ثمانية وعشرين وهما لا يتجاوزان الخامسة والعشرين".
السنوات التي تعرض فيها المغرب للجفاف والمجاعات:
· من 1519 الى 1522
· 1541
· من 1552 الى 1553
· 1579
· 1603
· من 1607 الى 1608
· من 1613 الى 1614
· من 1626 الى 1628
· من 1634 الى 1635
· من 1649 الى 1650
· من 1651 الى 1653
· من 1661 الى 1662
· 1680
· من 1682 الى 1683
· من 1719 الى 1724
· من 1735 الى 1737
· 1750
· من 1776 الى 1782
· من 1789 الى 1794
· من 1798 الى 1804
هنا اريد ان اوضح امرا للاماسيخ بقايا الرقيق الابيض: الأشخاص الذين يزعمون بأنهم مور مغاربة بالولايات المتحدة يمكن ان يكون معهم حق، لأنه تم نقل العديد من المستعبدين المغاربة والمغاربيين الى القارة الامريكية كمصطفى الزموري المعروف ب (Estevanico).
المصادر:
حوليات أصيلا (1508-1535) لبرناردو رودريكس
The Captive Sea: Slavery, Communication, and Commerce in Early Modern Spain and the Mediterranean by Daniel Hershenzon
The Economy of Ransoming in the Early Modern Mediterranean, by Wolfgang Kaiser, and Guillaume Calafat
RIBAS, Rogério de Oliveira. “Ser Mourisco em Portugal Durante o Século XVI” . XII Encontro Regional de História. ANPUH, Rio de Janeiro, 2006
Effective management of public slavery in Hospitallers’ Malta Get access Arrow by Anne Brogini
التعليقات على الموضوع